فصل: أحاديث الباب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث مختلفة

 أحاديث الباب

أخرج أبو داود في ‏"‏سننه ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏الخراج - باب ما جاء في حكم أرض خيبر‏"‏ ص 69 - ج 2‏]‏ - في كتاب الخراج‏"‏ عن يحيى بن زكريا عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة، قال‏:‏ قسم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ خيبر نصفين، نصفًا لنوائبه، ونصفًا بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهمًا، انتهى‏.‏ قال صاحب ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ إسناده جيد، ويحيى بن زكريا هو ابن أبي زائدة، وهو أحد الثقات، انتهى‏.‏ ثم أخرجه أبو داود عن محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن رجال من أصحاب النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهمًا، جمع كل منهم مائة سهم، فكان لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وللمسلمين النصف من ذلك، وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود، والأمور، ونوائب الناس، انتهى‏.‏ ثم أخرجه عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار، أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لما أفاء اللّه عليه خيبر قسمها ستة وثلاثين سهمًا جمعًا، فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهمًا، يجمع كل سهم مائة، والنبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ معهم له سهم، كسهم أحدهم، وعزل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ثمانية عشر سهمًا، وهو الشطر لنوائبه، وما ينزل به من أمر المسلمين، فكان ذلك الوطيح، والكتيبة، والسلالم، وتوابعها، فلما صارت الأمور بيد النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ والمسلمين، لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها، فدعا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ اليهود، فعاملهم، انتهى‏.‏ زاد أبو عبيد في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏‏:‏ فعاملهم على نصف ما يخرج منها، فلم يزل على ذلك حياة رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأبي بكر، حتى كان عمر، فكثر العمال في المسلمين، وقووا على العمل، فأجلا عمر اليهود إلى الشام، وقسم الأموال بين المسلمين، إلى اليوم، انتهى‏.‏ وبشير بن يسار تابعي ثقة، يروي عن أنس، وغيره يروي هذا الخبر عنه يحيى بن سعيد، وقد اختلف عليه فيه، فبعض أصحاب يحيى يقول فيه‏:‏ عن بشير عن سهل بن أبي حثمة، وبعضهم يقول‏:‏ عن رجال من أصحاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ومنهم من يرسله، واللّه أعلم‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه البيهقي في ‏"‏دلائل النبوة‏"‏ عن عبد الرحمن بن المرقع، قال‏:‏ لما افتتح رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ خيبر قسمها على ثمانية عشر سهمًا، فجعل لكل مائة سهمًا، وهي مخضرة من الفواكه، فوقع الناس على الفاكهة، فأخذتهم الفاكهة، فشكوا ذلك إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال‏:‏ إن الحمى قطعة من النار، فإذا هي أخذتكم فبردوا لها الماء في الشنان، ثم صبوها عليكم بين الصلاتين - يعني المغرب والعشاء - قال‏:‏ ففعلوا، فذهبت، انتهى‏.‏ قال أبو الفتح اليعمري في ‏"‏سيرته عيون الأثر‏"‏‏:‏ اختلف العلماء في المدينة إذا فتحت عنوة، هل تقسم أرضها بين المسلمين، كسائر الغنائم، أو توقف‏؟‏ فقال الكوفيون‏:‏ الإِمام مخير بين أن يقسمها كما فعل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بأرض خيبر، أو يقر أهلها عليها، ويضع عليهم الخراج، كما فعل عمر بسواد العراق، في جماعة من الصحابة، وبالأول أخذ الشافعي، وبالثاني أخذ مالك، نفعًا لمن يأتي بعده من المسلمين، ثم ذكر حديث البخاري، ثم قال‏:‏ وهذا يدل على أن خيبر قسمت كلها سهمانا، وهو رواية ابن إسحاق عن الزهري، رواه أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏الأحاديث المذكورة في كلام أبي الفتح اليعمري، وابن عبد البر المعزوة إلى أبي داود، هي عنده في ‏"‏باب حكم أرض خيبر‏"‏‏.‏‏]‏ عن ابن إسحاق قال‏:‏ سألت ابن شهاب، فأخبرني أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ افتتح خيبر عنوة بعد القتال، وروي أيضًا من حديث يونس عن الزهري نحوه، وروي أيضًا من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ غزا خيبر، فأصبناها عنوة، وجمع السبي، قال أبو عمر في ‏"‏مغازيه‏"‏‏:‏ وهذا هو الصحيح في أرض خيبر أنها كانت عنوة، وأن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قسم جميع أرضها على الغانمين، وهم أهل الحديبية، وروى موسى ابن عقبة، وغيره عن الزهري أن بعضها كان عنوة، وبعضها كان صلحًا، قال أبو عمر‏:‏ وهذا وهم، وإنما دخل عليه ذلك من جهة الحصنين اللذين أسلمهما أهلهما في حقن دمائهم، وهما الوطيح والسلالم، كما روي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لما حاصر أهل خيبر في حصنهم الوطيح، والسلالم، حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم، وأن يحقن لهم دماءهم، ففعل، فحاز رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الأموال وجمع الحصون، إلا ما كان من ذينك الحصنين، فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يعاملهم في الأموال على النصف، وقالوا‏:‏ نحن أعلم بها منكم، فصالحهم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ على النصف، على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم، قال أبو عمر‏:‏ فلما لم يكن أهل ذينك الحصنين مغنومين ظن أن ذلك صلح، ولعمري أنه في الرجال والنساء والذرية لضرب من الصلح، ولكنهم لم يتركوا أرضهم، إلا بالحصار والقتال، فكان حكم أرضهما كحكم سائر أرض خيبر كلها عنوة غنيمة مقسومة بين أهلها قال وربما شبه على هذا القائل بحديث بشير بن يسار أنه عليه السلام قسم خيبر نصفين، نصفًا له، ونصفًا للمسلمين،

قال‏:‏ وهذا إن صح، فمعناه أن النصف له مع سائر من وقع في ذلك النصف معه، لأنها قسمت على ستة وثلاثين سهمًا، فوقع سهم النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وطائفة معه في ثمانية عشر سهمًا، ووقع سائر الناس في باقيها، وكلهم ممن شهد الحديبية، ثم خيبر، وليست الحصون التي أسلمها أهلها بعد الحصار والقتال صلحًا، ولو كانت صلحًا لملكها أهلها، كما يملك أهل الصلح أرضهم، وسائر أموالهم، قال‏:‏ فالحق في ذلك ما قاله ابن إسحاق عن الزهري، دون ما قاله موسى بن عقبة عنه، انتهى كلام أبي عمر‏.‏ قال أبو الفتح‏:‏ ويترجح ما قاله موسى بن عقبة، وغيره‏:‏ إن بعض خيبر كان صلحًا، بما أخرجه أبو داود من طريق ابن وهب عن مالك عن الزهري أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحًا، والكتيبة أكثرها كان عنوة، وفيها صلح، قلت لمالك‏:‏ وما الكتيبة‏؟‏ قال‏:‏ أرض خيبر، وهي أربعون ألف عذق، وروى أبو داود أيضًا عن مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ افتتح بعض خيبر عنوة، وروى أيضًا من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري، وعبد اللّه بن أبي بكر، وبعض ولد محمد بن مسلمة، قالوا‏:‏ بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يحقن دماءهم، ويسيرهم، ففعل، فسمع بذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك، قال‏:‏ وروى أبو داود أيضًا من حديث حماد بن سلمة عن عبيد اللّه بن عمر، قال‏:‏ أحسبه عن نافع عن ابن عمر أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قاتل أهل خيبر، فغلب على النخل والأرض، وألجأهم إلى قصرهم، فصالحوه على أن لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الصفراء والبيضاء والحلقة، ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموا، ولا يغيبوا شيئًا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم، ولا عهد، فغيبوا مسكا لحيي بن أخطب، وقد كان قتل قبل خيبر، كان احتمله معه يوم بني النضير حين أجليت النضير، فيه حليهم، فقال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لسعية بن عمرو أين مسك حيي بن أخطب‏؟‏ قال‏:‏ أذهبته الحروب والنفقات، فوجدوا المسك، فقتل النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ابني أبي الحقيق، وسبى نساءهم وذراريهم، وأراد أن يجليهم، فقالوا‏:‏ يا محمد دعنا نعمل في هذه الأرض، ولنا الشطر ما بدأ لكم، ولكم الشطر، وزاد البلاذري فيه‏:‏ قال‏:‏ فدفع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ سعية بن عمرو إلى الزبير، فمسه بعذاب، فقال‏:‏ رأيت حييًا يطوف في هذه الخربة، ففتشوها، فوجدوا المسك، فقتل النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ابني أبي الحقيق، وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب، وسبى نساءهم وذراريهم، وقسم أموالهم، للنكث الذي نكثوا، ففي هذا أنها فتحت صلحًا، وأن الصلح انتقض، فصارت عنوة، ثم خمسها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وقسمها، وفي رواية بشير بن يسار المرسلة‏:‏ أنه عليه السلام عزل شطرها ثمانية عشر سهمًا لنوائب المسلمين، فكان منها الوطيح، والسلالم، والكتيبة التي كان بعضها صلحًا وبعضها عنوة، وقد تكون غلب عليها حكم الصلح، فلذلك لم يقسم فيما قسم بين الغانمين، والوطيح، والسلالم، لم يجر لهما ذكر صريح في العنوة، فصار هذا القول قويًا، انتهى كلام أبي الفتح رحمة اللّه‏.‏

قوله‏:‏ وإن شاء أقر أهلها عليها، ووضع عليهم الجزية، وعلى أراضيهم الخراج، هكذا فعل عمر رضي اللّه عنه بسواد العراق بموافقة من الصحابة، ولم يحمل من خالفه، قلت‏:‏ روى ابن سعد في ‏"‏الطبقات - في ترجمة عثمان بن حنيف‏"‏ أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي مجلز ‏"‏ح‏"‏ وأخبرنا مخبر عن ابن أبي ليلى عن الحكم، ومحمد بن الميسر أن عمر ابن الخطاب وجه عثمان بن حنيف على خراج السواد، ورزقه كل يوم ربع شاة وخمسة دراهم، وأمره أن يمسح السواد عامره وغامره، ولا يمسح سبخة، ولا تلًا، ولا أجمة، ولا مستنقع ماء، ولا ما لا يبلغه الماء، فمسح عثمان كل شيء دون الجبل - يعني حلوان - إلى أرض العرب - وهو أسفل الفرات - وكتب إلى عمر‏:‏ إني وجدت كل شيء بلغه الماء من عامر وغامر ستة وثلاثين ألف ألف جريب، وكان ذراع عمر الذي مسح به السواد ذراعًا وقبضة، فكتب إليه عمر‏:‏ أن افرض الخراج على كل جريب عامر أو غامر، عمله صاحبه، أو لم يعمله، درهمًا وقفيزًا، وافرض على الكرم، وعلى كل جريب عشرة دراهم، وعلى الرطاب خمسة دراهم، وأطعمهم النخل والشجر، وقال‏:‏ هذا قوة لهم على عمارة بلادهم، وفرض على رقابهم، على الموسر ثمانية وأربعين درهمًا، وعلى من دون ذلك أربعة وعشرين درهمًا، وعلى من لم يجد شيئًا اثني عشر درهمًا، وقال‏:‏ درهم لا يعوز رجلًا في كل شهر، ورفع عنهم الرق بالخراج الذي وضعه في رقابهم، وجعلهم أكرة في الأرض، فحمل من خراج سواد الكوفة إلى عمر في أول سنة، ثمانون ألف ألف درهم، ثم حمل من قابل، مائة وعشرون ألف ألف درهم، ولم يزل كذلك، انتهى‏.‏ ورواه ابن زنجويه في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏ حدثنا الهيثم بن عدي أنبأني عبد اللّه بن عباس ‏[‏عبد اللّه بن عياش بن عبد اللّه بن الهمداني، يكنى أبا الجراح، روى عن الشعبي، وغيره، روى عنه الهيثم ابن عدي، ذكره في ‏"‏اللسان‏"‏ ص 322 - ج 3، وقال في ‏"‏التقريب‏"‏‏:‏ عبد اللّه بن عياش، ويقال له‏:‏ ابن عباس أيضًا، انتهى‏]‏ عن الشعبي ‏"‏ح‏"‏ وأنبأنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي مجلز ‏"‏ح‏"‏، قال الهيثم‏:‏ وأنبأنا ابن أبي ليلى عن الحكم، قالوا‏:‏ وجه عمر عثمان بن حنيف، الحديث‏.‏

- الحديث الثاني‏:‏ روي أنه عليه السلام

- قتل من الأسارى،

قلت‏:‏ في الباب أحاديث‏:‏

- منها حديث ابن خطل‏:‏ أخرجه البخاري، ومسلم ‏[‏عند البخاري في ‏"‏المغازي - باب غزوة الفتح في رمضان‏"‏ ص 612 - ج 2، وعند مسلم في ‏"‏الحج - باب تحريم مكة‏"‏ ص 439 - ج 1‏.‏‏]‏ عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ دخل عام الفتح، وعلى رأسه مغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال‏:‏ يا رسول اللّه ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال‏:‏ اقتلوه، زاد البخاري‏:‏ قال مالك‏:‏ ولم يكن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فيما نرى - واللّه أعلم - يومئذ محرمًا، انتهى‏.‏

- وحديث عطية القرظي‏:‏ أخرجه أصحاب السنن ‏"‏الأربعة‏"‏ ‏[‏عند الترمذي في ‏"‏السير - باب ما جاء في النزول على الحكم‏"‏ ص 205 - ج 1‏]‏ عن عبد الملك بن عمير عنه، قال‏:‏ كنت فيمن أخذ من سبي قريظة، فكانوا يقتلون من أنبت، ويتركون من لم ينبت، فكنت فيمن ترك، انتهى‏.‏ وينظر ‏"‏أطراف الصحيح‏"‏‏.‏

- حديث آخر‏:‏ روى البيهقي في ‏"‏دلائل النبوة‏"‏ أخبرنا أبو علي الرودباري ثنا الحسين ابن الحسن بن أيوب الطوسي ثنا ابن أبي مرة ثنا المقرى ثنا الليث حدثني أبو الزبير عن جابر، قال‏:‏ رمى سعد بن معاذ يوم الأحزاب، فقطعوا أكحله، فحسمه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالنار، فانتفخت يده، فتركه، فنزفه الدم، فحسمه أخرى، فانتفخت، فلما رأى سعد ذلك، قال‏:‏ اللّهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة، فاستمسك عرقه، فما قطر قطرة حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأرسل إليه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فحكم أن يقتل رجالهم، وتسبى نساءهم، وذراريهم يستعين بهم المسلمون، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لسعد‏:‏ لقد أصبت حكم اللّه فيهم، وكانوا أربعمائة، فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه، فمات، انتهى‏.‏ وينظر ‏"‏الأطراف‏"‏، وأخرجه عن ابن إسحاق، فذكر قصة قريظة، إلى أن قال‏:‏ ثم استنزلوا - يعني أسارى قريظة - فحبسهم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالمدينة في دار زينب بنت الحارث امرأة من بني النجار، ثم خرج رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى موضع بسوق المدينة، فخندق فيه خندقًا، ثم بعث إليهم فكان يؤتى بهم أرسالًا، فتضرب أعناقهم في ذلك الخندق، والمكثر لهم يقول‏:‏ ما بين الثمانمائة والتسعمائة، الحديث بطوله‏.‏

- حديث آخر‏:‏ أخرجه أبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏ عن سعيد بن جبير أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قتل يوم بدر ثلاثة من قريش صبرًا‏:‏ المطعم بن عدي، والنضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏، وقال‏:‏ هكذا يقول هشيم‏:‏ المطعم بن عدي وهو غلط، وإنما هو طعيمة بن عدي، وهو أخو المطعم، وأهل المغازي ينكرون قتل مطعم ابن عدي يومئذ، ويقولون‏:‏ مات بمكة قبل بدر، والذي قتل يوم بدر أخو طعيمة، ولم يقتل صبرًا، وإنما قتل في المعركة، ويصدق هذا الحديث الزهري أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال لجبير بن مطعم حين كلمه في الأسارى، شيخ لو كان أتانا شفعناه - يعني أباه مطعم بن عدي - فكيف يكون مقتولًا يومئذ والنبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول فيه ذلك، انتهى‏.‏

قوله‏:‏ وفي ‏"‏السير الكبير‏"‏ أنه لا بأس به - يعني فداء أسرى المشركين بمال يأخذ منهم - إذا كان بالمسلمين حاجة، استدلالًا بأسارى بدر، قلت‏:‏ أخرج مسلم ‏[‏عند مسلم في ‏"‏الجهاد‏"‏ ص 93 - ج 2‏.‏‏]‏ عن أبي زميل عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب، قال‏:‏ لما كان يوم بدر نظر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى المشركين، وهم ألف، وأصحابه ثلثمائة وسبعة عشر رجلًا، إلى أن قال‏:‏ فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين، قال ابن عباس‏:‏ فلما أسروا الأسارى قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لأبي بكر، وعمر‏:‏ ما ترون في هؤلاء الأسارى‏؟‏ فقال أبو بكر‏:‏ يا رسول اللّه هم بنو العم والعشيرة، أرى أن نأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار، وقال عمر‏:‏ يا رسول اللّه أرى أن نضرب أعناقهم، فهوى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قال عمر، فلما كان من الغد وجد عمر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قاعدًا يبكي، فسأله، فقال‏:‏ أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة، فأنزل اللّه ‏{‏ما كان لنبي أن يكون له أسرى‏}‏ [الأنفال: 67] إلى قوله تعالى‏:‏ ‏ [الأنفال:69] {‏فكلوا مما غنمتم حلالا‏}‏ فأحل اللّه الغنيمة لهم، مختصر، وأخرج أبو داود ‏[‏عند أبي داود في ‏"‏المغازي - باب في فداء الأسير بالمال‏"‏ ص 10 - ج 2‏]‏، والنسائي عن سفيان بن حبيب ثنا شعبة عن أبي العنبس عن أبي الشعثاء عن ابن عباس أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة، انتهى‏.‏ قال في ‏"‏التنقيح‏"‏‏:‏ ورواه أبو بحر البكراوي عن شعبة، وأبو العنبس هذا هو الأكثر، لا يسمى، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ رواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ حدثنا علي بن عاصم عن حميد عن أنس، قال‏:‏ استشار رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الناس في الأسارى يوم بدر، فقال‏:‏ إن اللّه قد أمكنكم منهم، فقال عمر ابن الخطاب‏:‏ يا رسول اللّه اضرب أعناقهم، قال‏:‏ فأعرض عنه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ثم عاد عليه السلام، فقال‏:‏ يا أيها الناس إن اللّه قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس، فقال عمر مثل ذلك، فأعرض عنه عليه السلام، ثم عاد عليه السلام، فقال مثل ذلك، فقال أبو بكر‏:‏ يا رسول اللّه نرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفداء، قال‏:‏ فذهب عن وجه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ما كان من الغم، ثم عفا عنهم، وقبل منهم الفداء، وأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏لولا كتاب من اللّه سبق لمسكم فيما أخذتم‏}‏ [الأنفال: 68] الآية، انتهى‏.‏

- حديث آخر‏:‏ روى الواقدي في ‏"‏كتاب المغازي‏"‏ حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر ابن قتادة عن يزيد بن النعمان بن بشير عن أبيه، قال‏:‏ جعل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الفداء يوم بدر أربعة آلاف لكل رجل، انتهى‏.‏ حدثنا إسحاق بن يحيى، سألت نافع بن جبير، كيف كان الفداء يوم بدر‏؟‏ قال‏:‏ أرفعهم أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف، إلى ألفين، إلى ألف، إلى قوم لا مال لهم، منّ عليهم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وأن المطلب بن أبي وداعة، أسر أبواه أبو وداعة يومئذ، ففداه ابنه المطلب بأربعة آلاف درهم، مختصر‏.‏ حدثني ابن أبي حبيبة عن عبد الرحمن بن عبد الرحمن الأنصاري، قال‏:‏ قال‏:‏ وأسر يومئذ الحارث بن أبي وجزة، أسره سعد بن أبي وقاص، فقدم في فدائه الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فافتداه بأربعة آلاف، انتهى‏.‏ وحدثني أيوب بن النعمان، قال‏:‏ وأسر يومئذ أبو عزيز ابن عمير، وهو أخو مصعب بن عمير لأبيه، وأمه، وقع في يد محرز بن فضلة، فقال مصعب لمحرز‏:‏ أشدد يديك به، فإن له أمًا بمكة كثيرة المال، فقال له أبو عزيز‏:‏ هذه وصاتك بي يا أخي‏؟‏ فقال‏:‏ إن محرزًا أخي دونك، فبعثت أمه عنه بأربعة آلاف، قال‏:‏ والسائب بن أبي حبيش بن المطلب ابن أسد بن عبد العزى أسره عبد الرحمن بن عوف، والحارث بن عائذ بن أسد أسره حاطب بن أبي بلتعة، وسالم بن سماح أسره سعد بن أبي وقاص، فقدم في فدائهم عثمان بن أبي حبيش بأربعة آلاف لكل رجل، قال‏:‏ وخالد بن هشام بن المغيرة، وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة أسره بلال، وعثمان بن عبد اللّه بن المغيرة، فقدم في فدائهم عبد اللّه بن أبي ربيعة، فافتداهم بأربعة آلاف لكل رجل، قال‏:‏ والوليد بن المغيرة أسره عبد اللّه بن جحش، فقدم في فدائه أخواه خالد، وهشام ابنا الوليد، فافتدياه بأربعة آلاف، ثم خرجا به، حتى بلغا به ذا الحليفة، فرجع الوليد إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وأسلم، قال‏:‏ وقيس بن السائب أسره عبدة بن الحسحاس، فقدم في فدائه أخوه فروة ابن السائب، فافتداه بأربعة آلاف درهم، فيها عرض، قال‏:‏ وأبو المنذر بن أبي رفاعة أسر، فافتدي بألفين، وعبد اللّه أبو عطاء بن السائب أسره سعد بن أبي وقاص، فافتدي بألف درهم، قال‏:‏ وفروة ابن خنيس ‏[‏قلت‏:‏ وفي ‏"‏السيرة - لابن هشام - في باب من أسر من قريش يوم بدر‏"‏ فروة بن قيس‏]‏ بن حذافة أسره ثابت بن أقرم، قدم في فدائه عمرو بن قيس، فافتداه بأربعة آلاف درهم، قال‏:‏ وسهيل بن عمرو بن شمس أسره مالك بن الدخشم، فقدم في فدائه مكرز بن حفص، وكان لسهيل مال بمكة، فقال لهم مكرز‏:‏ احبسوني مكانه، وخلوا سبيله، فخلوا سبيل سهيل وحبسوا مكرز بن حفص‏.‏ وبعث سهيل بالمال مكانه من مكة‏.‏ مختصر من كلام طويل‏.‏